فصل: (القيامة: الآيات 1- 19)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال محيي الدين الدرويش:

(75) سورة القيامة مكيّة وآياتها أربعون.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[القيامة: الآيات 1- 19]

{لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيحسب الإنسان أَلَّنْ نَجْمَعَ عظامه (3) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (4) بَلْ يريد الإنسان ليفجر أَمامَهُ (5) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (6) فَإِذا برق الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقول الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلاَّ لا وزر (11) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّؤُا الإنسان يَوْمَئِذٍ بِما قدّم وَأخّر (13) بَلِ الإنسان على نفسه بصِيرة (14) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (15) لا تحرك به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ به (16) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقرآنه (17) فَإِذا قرآناهُ فَاتَّبِعْ قرآنه (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (19)}

.اللغة:

{بَنانَهُ} البنان أطراف الأصابع جمع أو اسم جمع لبنانة قولان وفي المختار: البنانة واحد البنان وهي أطراف الأصابع ويقال بنان مخضّب لأن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه يؤنّث ويذكّر.
{برق} يبرق من باب دخل برقا وبروقا وبرقانا وبريقا البرق: ظهر والشيء: لمع وتلألأ والسماء: بدا منها البرق والرجل: توعّد وبرق يبرق من باب تعب برقا تحيّر ودهش فلم يبصر وقد قرئ بهما معا.
{خَسَفَ} أظلم وذهب ضوءه.
{وزر} ملجأ يتحصن به وكل ما التجأت إليه من جبل أو غيره وتخلصت به فهو وزرك.

.الإعراب:

{لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} قال الزمخشري: إدخال لا على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم قال امرؤ القيس:
ولا وأبيك ابنة العامريّ ** لا يدّعي القوم أني أفرّ

وإنما كان دخول لا النافية قبل القسم شائعا في لسان العرب لأنه غالبا يكون لردّ دعوى الخصم ونفيها فالتقدير: ولا يحصل ذلك وحق أبيك، وقال غوية بن سلمى:
ألا نادت أمامة باحتمال ** لتحزنني فلا بك ما أبالي

وقال الزمخشري: وفائدتها توكيد القسم وقالوا إنها صلة مثلها في {لئلا يعلم أهل الكتاب} واعترضوا عليه بأنها إنما تزاد في وسط الكلام لا في أوله، وأجابوا بأن القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض والاعتراض صحيح لأنها لم تقع مزيدة إلا في وسط الكلام ولكن الجواب غير سديد، ألا ترى إلى امرئ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته والوجه أن يقال هي للنفي والمعنى أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له يدلك على ذلك قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} فكأنه بإدخال حرف النفي يقول: إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام يعني أنه يستأهل فوق ذلك وقيل إن لا نفي لكلام وردّ له قبل القسم كأنهم أنكروا البعث فقيل: لا أي ليس الأمر على ما ذكرتم ثم قيل أقسم بيوم القيامة.
وقيل هي ردّ لكلامهم حيث أنكروا البعث كأنه قال: ليس الأمر كما ذكرتم أقسم بيوم القيامة، وهذا قول الفراء وكثير من النحويين. وقد تقدم الكلام عليها في الواقعة فجدّد به عهدا.
و{أقسم} فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا و{بيوم القيامة} متعلقان بـ: {أقسم}.
{وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} عطف على الجملة السابقة و{اللوّامة} نعت للنفس أي التي تلوم نفسها في يوم القيامة على ما فرط منها من قصور أو التي لا تزال تلوم نفسها في الدنيا، وقد روي أنه عليه السلام قال: «ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلا وتلوم نفسها يوم القيامة إن عملت خيرا قالت: كيف لم أزدد وإن عملت شرّا قالت: ليتني كنت أقصرت عن الشر» وجواب القسم محذوف أي لتبعثنّ دلّ عليه ما بعده وهو:
{أَيحسب الإنسان أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ} الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي و(يحسب) فعل مضارع مرفوع و{الإنسان} فاعل وأن مخفّفة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولن وما في حيّزها في موضع الخبر والفاصل هنا حرف النفي وأن المخففة وما في حيّزها سادّة مسدّ مفعولي (يحسب) و{عظامه} مفعول {نجمع} للبعث والإحياء. قال النحّاس: وإنما خصّ العظام لأنها قالب الخلق.
{بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ} {بلى} حرف جواب وهو إيجاب لما بعد النفي المنسحب عليه الاستفهام و{قادرين} حال من فاعل الفعل المقدّر المدلول عليه بحرف الجواب أي بلى نجمعها قادرين وهذا هو الوجه.
وقال بعضهم هو منصوب على أنه خبر كان مضمرة أي بلى كنّا قادرين في الابتداء وليس بذاك. وقرئ {قادرون} رفعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي بلى نحن قادرون، و{على} حرف جر و{أن} المصدرية وما في حيّزها في تأويل مصدر مجرور بعلى والجار والمجرور متعلقان بـ: {قادرين} وفاعل {نسوّي} ضمير مستتر تقديره نحن و{بنانه} مفعول به. وعند سيبويه تنتصب {قادرين} بفعل مقدّر تقديره نجمعها قادرين.
{بَلْ يريد الإنسان ليفجر أَمامَهُ} {بل} حرف عطف للإضراب الانتقالي و{يريد} معطوف على {أيحسب} فيجوز أن يكون مثله استفهاما وأن يكون إيجابا ويجوز أن تكون بل لمجرد الإضراب الانتقالي من غير عطف كأنه أضرب عن الكلام الأول وأخذ في آخر، و{يريد الإنسان} فعل مضارع وفاعل ومفعول {يريد} محذوف والمعنى بل يريد الإنسان الثبات والديمومة على ما هو عليه من عدم التقيد بقيد الإيمان ليسترسل على فجوره ويدوم على غيّه واللام للتعليل ويفجر فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وفاعله مستتر تقديره هو يعود على {الإنسان} و{أمامه} ظرف مكان استعير للزمان أي ليستمر في فجوره ويدوم عليه فيما بين يديه من الأوقات وفيما يستقبله من الزمان لا ينزع عنه ولا يتنصّل منه ولام التعليل متعلقة بـ: {يريد}، وأعربه الجلال وغيره على وجه آخر خلاصته أن اللام زائدة ويفجر منصوب بأن مقدرة والمصدر المنسبك منه ومن أن مفعول {يريد} ولا داعي لزيادة اللام فالوجه الأول هو الصحيح.
{يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ} الجملة في موضع نصب على الحال أي يريد أن يستمر في فجوره في حال كونه سائلا على سبيل الاستهزاء أيان يوم القيامة وقيل مستأنفة وقال أبو البقاء تفسير {ليفجر} فتكون مفسّرة مستأنفة أو بدلا من الجملة قبلها لأن التفسير يكون بالاستئناف وبالبدل و{أيان} اسم استفهام في محل نصب على الظرفية الزمانية وهو متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدّم و{يوم القيامة} مبتدأ مؤخر.
{فَإِذا برق الْبَصَرُ} الفاء استئنافية وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن متعلق بالجواب وهو يقول وجملة {برق البصر} جملة فعلية في محل جر بإضافة الظرف إليها.
{وَخَسَفَ الْقَمَرُ} عطف على {برق البصر} وهو فعل ماض وفاعل.
{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} عطف أيضا داخل في حيز فعل الشرط وجمعهما من آيات اللّه الكبرى.
{يَقول الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} جملة {يقول الإنسان} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم و{يوم} ظرف أضيف إلى مثله وهو متعلق بـ: {يقول} والتنوين عوض عن جملة أي يوم إذ برق البصر إلخ و{أين} اسم استفهام في محل نصب ظرف مكان والظرف متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم و{المفر} مبتدأ مؤخر و{المفر} مصدر ميمي بمعنى الفرار او اسم مكان للفرار والأول مفتوح الفاء والثاني مكسورها وقد قرئ بهما.
{كَلَّا لا وزر} {كلا} حرف ردع وزجر عن طلب الفرار و{لا} نافية للجنس و{وزر} اسمها المبني على الفتح وخبرها محذوف أي موجود متاح لهم.
{إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}. {إلى ربك} خبر مقدم و{يومئذ ظرف} أضيف إلى مثله وهو متعلق بفعل مقدّر دلّ عليه المستقر أي يستقر الأمر إلى ربك يوم إذ كانت هذه الأمور المذكورة ولا يجوز أن يتعلق بالمستقر لأنه إن كان مصدرا فلتقدمه وإن كان مكانا فلا عمل له البتّة، و{المستقر} مبتدأ مؤخر.
{يُنَبَّؤُا الإنسان يَوْمَئِذٍ بِما قدّم وَأخّر} الجملة تفسيرية مستأنفة كما تقدم و{ينبأ} فعل مضارع مبني للمجهول و{الإنسان} نائب فاعل و{يومئذ} ظرف أضيف إلى مثله متعلق بـ: {ينبأ} و{بما} في موضع المفعول الثاني وجملة {قدّم وأخّر} المعطوفة عليها لا محل لها لأنها صلة ما أي يخبر الإنسان يوم إذ كانت هذه الأمور الثلاثة وهي {برق البصر} و{خسف القمر} والجمع بين الشمس والقمر {بما قدّم} من عمل عمله {و} بما {أخّر} منه لم يعمله.
{بَلِ الإنسان على نفسه بصِيرة}. {بل} حرف عطف وإضراب انتقالي و{الإنسان} مبتدأ و{على نفسه} متعلقان بـ: {بصِيرة} و{بصيرة} يجوز فيها أن تكون خبرا للإنسان وهو الأرجح والمعنى بل الإنسان بصِيرة على نفسه وعلى هذا يرد السؤال الآتي: لما ذا أنّث الخبر؟ وقد اختلف النحاة في الإجابة فقال بعضهم الهاء فيه ليست للتأنيث بل للمبالغة وقال الأخفش: هو كقولك فلان عبرة وحجّة وقيل: المراد بالإنسان الجوارح فكأنه قال: بل جوارحه بصِيرة أي شاهدة ويجوز أن تكون {بصِيرة} مبتدأ مؤخرا و{على نفسه} خبرا مقدما والجملة خبر عن {الإنسان} وعلى هذا تكون {بصِيرة} صفة لمحذوف أي عين بصِيرة أو جوارح والتاء على هذا الوجه للتأنيث وإلى هذا ذهب الزمخشري فقال: {بصِيرة}: حجة بيّنة وصفت بالبصارة على المجاز كما وصفت الآيات بالإبصار في قوله: {فلما جاءتهم آياتنا مبصرة}، أو لأعين بصِيرة.
ويجوز أن يكون {على نفسه} خبرا و{بصِيرة} فاعل به والأصل في الإخبار الإفراد والأوجه الثلاثة متساوية في القوة والأرجحية.
{وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ} الواو حالية من الفاعل المستكن في {بصِيرة} {ولو} شرطية و{ألقى} فعل ماض وهو فعل الشرط وفاعله مستتر تقديره هو و{معاذيره} مفعول به وجواب الشرط محذوف أي ما ساغت وما قبلت والمعاذير جمع معذرة على غير قياس كملاقيح ومذاكير جمع لقحة وذكر، وللنحويين في هذا ونحوه قولان: أحدهما أنه جمع للملفوظ به وهو لقحة والثاني أنه جمع لغير بملفوظ به بل مقدّر أي ملقحة ومذكار قال الزمخشري: فإن قلت أليس قياس المعذرة أن يجمع على معاذر معاذير؟ قلت المعاذير ليست جمع معذرة بل اسم جمع لها ونحوه المناكير في المنكر.
وقال أبو حيان معقبا: وليس هذا البناء من أبنية اسم الجموع وإنما هو من أبنية جمع التكسير فهو كمذاكير وملاميح والمفرد منهما لمحة وذكر ولم يذهب أحد إلى أنهما من أسماء الجموع وقيل هما جمع للمحة وذكر على غير قياس أو هما جمع لمفرد لم ينطق به وهو مذكار وملمحة.
{لا تحرك به لِسانَكَ لِتَعْجَلَ به إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقرآنه} الجملة مقول قول محذوف مستأنف و{لا} ناهية و{تحرك} فعل مضارع مجزوم بلا و{به} متعلقان بـ: {تحرك} و{لسانك} مفعول به واللام لام التعليل وتعجل فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل واللام وما في حيّزها متعلقة بـ: {تحرك} و{به} متعلقان بتعجل والضمير للقرآن أي بقراءته وحفظه على عجلة لئلا يفلت منك، ثم علّل النهي عن العجلة بقوله: {إن علينا جمعه}. وإن وخبرها المقدّم واسمها المؤخر {وقرآنه} عطف على {جمعه}.
{فَإِذا قرآناهُ فَاتَّبِعْ قرآنه} الفاء عاطفة وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن وجملته {قرآناه} في محل جر بإضافة الظرف إليها والفاء رابطة لجواب إذا واتبع فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت و{قرآنه} مفعول به أي فكن مقفيا فيه ولا تراسله وطامن نفسك أنه لا يبقى غير محفوظ.
{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{إن} حرف مشبه بالفعل و{علينا} خبر إن المقدّم و{بيانه} اسم إن المؤخر.

.البلاغة:

في قوله: {لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوّامة} فن (صحة الأقسام) وسمّاه صاحب المثل السائر (التناسب بين المعاني) وقد مرّت أمثلة كثيرة منه في هذا الكتاب كما تحدّثنا عنه بإسهاب والآية التي نحن بصددها تعدّ من محاسن التقسيم لتناسب الأمرين المقسم بهما، فقد أقسم بيوم البعث أولا ثم أقسم بالنفوس المجزية فيه على حقيقة البعث والجزاء، فسبحان المتكلم بهذا الكلام.

.[القيامة: الآيات 20- 40]

{كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى رَبها ناظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بها فاقِرَةٌ (25) كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (30) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (34) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (35) أَيحسب الإنسان أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (37) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (39) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (40)}

.اللغة:

{ناضِرَةٌ} من النضرة حسنة مضيئة والنضرة هي التنعم ومنه غصن ناضر، يقال: نضر ينضر من باب دخل ونضر ينضر من باب تعب ونضر ينضر من باب ظرف نضرا ونضرة ونضرا ونضورا ونضارة الوجه أو اللون أو الشجر وغيرها: نعم وحسن وكان جميلا فهو ناضر ونضر ونضير، وأنضر العود أيضا قال الكميت:
ورت بك عيدان المكارم كلها ** وأورق عودي في ثراك وأنضرا

وفي الأساس: ولها سوار من نضر ونضار وهو الذهب وقيل: كل خالص نضار من ذهب وغيره، وقدح من نضار وهو أثل ورسيّ اللون بغور الحجاز، ومن المجاز: نضر وجهه: حسن وغضّ وجارية غضة ناضرة وغلام غضّ: ناضر ونضر اللّه وجهه وأنضره: حسّنه وقد يقال نضره بالتخفيف ووجه منضور وليس بذاك، قال:
نضّر اللّه أعظما دفنوها ** بسجستان طلحة الطلحات

وفي الحديث: «نضّر اللّه من سمع مقالتي فوعاها» ونجار نضار: خالص، قال الأفوه:
كرم الفعل إذا ما فعلوا ** ونجار في اليمانين نضار

(فاقِرَةٌ) داهية عظيمة تكسر الظهر أو فقاره والفقار بفتح الفاء كما في القاموس وهو جمع فقارة بفتح الفاء وفي المصباح: وفقرت الداهية الرجل فقرا من باب قتل نزلت به فهو فقير فعيل بمعنى مفعول وفقارة الظهر بالفتح الخرزة والجمع فقار بحذف الهاء مثل سحابة وسحاب، قال ابن السكيت: ولا يقال فقارة بالكسر والفقرة لغة في الفقارة وجمعها فقر وفقرات مثل سدرة وسدر وسدرات.
وفي القاموس: والفقر بالكسر والفقرة والفقارة بفتحهما ما يتصل من عظام الصلب من لدن الكاهل إلى العجب.
{التَّراقِيَ} جمع الترقوة وهي العظم الذي في أعلى الصدر بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان والجمع التراقي والترايق ويقال: ترقاه ترقاة أي أصاب ترقوته وقد بلغت روحه التراقي إذا شارف الموت.
{راقٍ}، اسم فاعل إما من رقي بالفتح في الماضي والكسر في المضارع من الرقية وهي كلام معد للاستشفاء يرقى به المريض ليشفى وفي الحديث: وما أدراك أنها رقية يعني الفاتحة وهي من أسمائها وإما من رقي بالكسر في الماضي والفتح في المضارع من الرقي وهو الصعود أي إن الملائكة تقول: من يصعد بهذه الروح.
{يَتَمَطَّى} مضارع تمطى وفيه قولان: أحدهما أنه من المطا وهو الظهر ومعناه يتبختر أي يمدّ مطاه ويلويه تبخترا في مشيته والثاني أن أصله يتمطط من تمطط أي تمدّد ومعناه أنه يتمدد في مشيته تبخترا ومن لازم التبختر ذلك فهو يقرب من معنى الأول ويفارقه في مادته إذ مادة المطا م ط وو مادة الثاني م ط ط وإنما أبدلت الطاء الثانية ياء كراهة اجتماع الأمثال والمطيطاء التبختر ومدّ اليدين في المشي والمطيط الماء الخاثر أسفل الحوض لأنه يتمطط أي يمتد فيه وفي الحديث: إذا مشيت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم فقد جعل بأسهم بينهم وفي كتب اللغة: ومن المجاز تمطي الليل إذا طال قال امرؤ القيس:
فقلت له لما تمطى بصلبه ** وأردف إعجازا وناء بكلكل

وقال بيهس:
كلما قلت قد تقضّى تمطّى ** حالك اللون دامسا يحموما

{سُدىً} هملا لا يكلف بالشرائع يقال إبل سدى أي مهملة وأسديت حاجتي أي ضيعتها ومعنى أسدى إليه معروفا أنه جعله بمعنى الضائع عند المسدى إليه لا يذكره ولا يمنّ به عليه، وفي المصباح والسدى وزان الحصى من الثوب خلاف اللحمة وهو ما يمدّ طولا في النسج وأسديت الثوب أقمت سداه والسدى أيضا ندى الليل وبه يعيش الزرع وسديت الأرض فهي سدية من باب تعب كثر سداها وسدا الرجل سدوا من باب قال: مدّ يده نحو الشيء وسدّ البعير سدوا مدّ يده في السير وأسديته بالألف تركته سدى أي مهملا وأسديت إليه معروفا اتخذته عنده.
وفي اللسان والأساس وغيرهما: جمل سدى وإبل سدى مهملة وقوم سدى وأرض سدى لا تعمر ووقع السندي والسدى وهو ما يقع باليل وهذا الثوب سداه حرير، وأسديته وأسدى الحائك الثوب وسدّاه ومن المجاز: قد أسديت فألحم، وأسرجت فألجم وأسدى إليه معروفا وسدّى منطقا حسنا وسدّى عليه الوشاة، قال عمر بن أبي ربيعة:
وإنّا لمحقوقون أن لا تردّنا ** أقاويل ما سدّوا علينا ولصّقوا

وأسدى بين القوم: أصلح وما أنت بلحمة ولا سداة: لا تضرّ ولا تنفع والريح تسدي المعالم وتنيرها، قال عمر بن أبي ربيعة:
لمن الديار كأنهنّ سطور ** تسدي معالمها الصبا وتنير

وتسداه: علاه وأخذه من فوقه كما يفعل سدى الليل قال:
وما أبو سمرة بالرث ألوان ** يوم تسدى الحكم بن مروان

وذلك أنه أخذ بناصيته وهو على فرس.
{تَمَنَّى} تصب في الرحم، والمني: ما يخرج عن الجماع من الماء الدافق.